الرئيسية » » تعليق التمائم (الحجب)

تعليق التمائم (الحجب)




ومن هذا الباب تعليق التمائم والودع ونحوها، على اعتقاد أنها تشفي من المرض أو تقي منه، ولا زال في القرن العشرين من يعلق على بابه حذاء فرس، ولا زال بعض المضللين إلى اليوم في كثير من بلاد الدنيا يستغلون جهل الدهماء، ويكتبون لهم حجبا وتمائم، يخطون فيها خطوطا وطلاسم، ويتلون عليها أقساما وعزائم، ويزعمون أنها تحرس حاملها من اعتداء الجن، أو مس العفاريت، أو شر العين والحسد، إلى آخر ما يزعمون.
وللوقاية والعلاج طرق معروفة شرعها الإسلام، وأنكر على من تركها واتجه إلى طرق الدجاجلة المضلين.
قال عليه السلام: "تداووا فإن الذي خلق الداء خلق الدواء".
وقال: "إن كان في شيء من أدويتكم خير، ففي هذه الثلاثة: شربة عسل، أو شرط محجم، أو كية بنار".
وهذه الأنواع الثلاثة تشمل بروحها وبالقياس عليها في عصرنا، ما يتناول من الدواء بطريق الفم، والتداوي بطريق العملية الجراحية، والتداوي بطريق الكي، ومنه العلاج بالكهرباء.
أما تعليق خرزة أو ودعة حجاب، أو قراءة بعض الرقى المطلسمة، للعلاج أو الوقاية، فهو جهل وضلال يصادم سنن الله، وينافي توحيده.
عن عقبة بن عامر أنه جاء في ركب عشرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبايع تسعة، وأمسك عن رجل منهم، فقالوا: ما شأنه؟
فقال: إن في عضده تميمة!
فقطع الرجل التميمة، فبايعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: "من علق فقد أشرك".
وفي حديث آخر قال: "من علق تميمة فلا أتم الله له، ومن علق ودعة فلا أودع الله له".
وعن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبصر على عضد رجل حلقة أراه قال -من صفر-، فقال: ويحك ما هذه؟ فقال: من الواهنة؟ قال: أما إنها لا تزيدك إلا وهنا، انبذها عنك فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدا".
وقد أثرت هذه التعاليم في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فارتفعوا بأنفسهم عن قبول هذه الأضاليل، وتصديق تلك الأباطيل.
عن عيسى بن حمزة قال: دخلت على عبد الله بن حكيم وبه حمرة، فقلت: ألا تعلق تميمة؟ فقال: نعوذ بالله من ذلك. وفي رواية: الموت أقرب من ذلك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من علق شيئا وكل إليه".
وعن ابن مسعود أنه دخل على امرأته وفي عنقها شيء معقود، فجذبه فقطعه، ثم قال: لقد أصبح آل عبد الله أغنياء أن يشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الرقى والتمائم والتولة شرك". قالوا: يا أبا عبد الرحمن؛ هذه الرقى والتمائم قد عرفناها فما التولة؟ قال: شيء تصنعه النساء يتحببن إلى أزواجهن. وهو لون من ألوان السحر.
قال العلماء: المنهي عنه من الرقى ما كان بغير لسان العرب فلا يدرى ما هو، ولعله قد يدخله سحر أو كفر، فأما إذا كان مفهوم المعنى وكان فيه ذكر الله تعالى، فإنه مستحب، والرقية حينئذ دعاء ورجاء إلى الله لا علاج ودواء. وقد كانت رقى أهل الجاهلية ممزوجة بالسحر والشرك أو الطلاسم، التي ليس لها معنى مفهوم.
وقد روي أن ابن مسعود رضي الله عنه نهى امرأته عن مثل هذه الرقى الجاهلية فقالت له: فإني خرجت يوما فأبصرني فلان فدمعت عيني التي تليه (أي أنه أصابها بعين حاسدة شريرة) فإذا رقيتها سكنت دمعتها، وإذا تركتها دمعت، فقال ابن مسعود لها: ذلك الشيطان إذا أطعتيه تركك، وإذا عصيته طعن بإصبعه في عينك، ولكن لو فعلت كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كان خيرا لك، وأجدر أن تشفي: تنضحين في عينك الماء، وتقولين: "أذهب الباس رب الناس، إشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما".
ساهم في نشر الموضوع :