وفعلاً توسطت بعض النساء عند النبي صلى الله عليه وسلم ليتزوج من خديجة بنت خويلد وتزوجها وعاشت أسعد ما يكون الزوجان رغم أن خديجة لم تكن بالبكر ولم تكن بالصغيرة السن قالوا أنها كانت تكبره بنحو خمسة عشر عاماً وكانت متزوجة من قبله وكان لها أولاد من زوجها السابق ومع هذا عاش النبي صلى الله عليه وسلم معها سعيداً فقد كان زواج إنسان لإنسانة، لم يكن ينظر إلى مالها ولم يكن ينظر إلى سنها وكانت هي أول ما شَدَّ على يده وربت على كتفه ووقف بجانبه يشد أزره ويسند ظهره عندما أتاه الوحي، أول ما أتاه الوحي في غار حراء في السابع عشر من رمضان وكان عمره أربعين سنة صلى الله عليه وسلم ورجع خائفاً يرتعش ويرتجف ويرجف فؤاده مما حدث بينه وبين جبريل، يأتي إلى زوجه يقول: زملوني زملوني ـ غطوني غطوني ـ يشعر ببرودة وحكى لزوجته ما جرى، فماذا فعلت خديجة؟ لو كانت امرأة كالنساء الجاهلات لخافت عليه أن تكون العفاريت قد ركبته أو الشياطين أو غير ذلك ولكنها قالت له في ثقة المؤمنة وإيمان الواثقة، قالت بسلامة الفطرة ورشد الإنسانة العاقلة قالت: والله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الدهر، والله لا يخزيك الله أبدا، عرفت من سنن الله في خلقه أن مثل هذا لا يمكن أن يخزيه الله ولا يمكن أن يتركه للشياطين أو العفاريت ولم تكتف بهذا وأرادت أن تؤكد موقفها منه وذهبت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل وكان من الذين قرءوا الكتب القديمة التوراة والإنجيل وغيرها وقص عليه قصته فقال: هذا الناموس الذي أنزله الله على موسى، هذا هو القانون الإلهي والوحي الإلهي الذي أنزله الله على موسى وليتني أكون حياً حينما يُخرِجك قومك فأنصرك نصراً مؤزراً قال عليه الصلاة والسلام: "أَوَمُخرِجِيَّ هم؟!" قال ببراءة الإنسان المخلص الذي لم يمس قومه بسوء وعاش محبباً بينهم أميناً صادقاً: أومخرجي هم؟!، ولماذا؟ فقال له: ما جاء أحد قط بمثل ما جئت به إلا عودي .. لابد أن يعادى (وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً من المجرمين وكفى بربك هادياً ونصيراً) هذه هي نشأة محمد صلى الله عليه وسلم وهي نشأة دالة أصدق الدلالة على أنه رجل تُعِدُّه العناية الإلهية لعبء عظيم ولرسالة كبرى هي الرسالة التي أخرجت الناس من الظلمات إلى النور التي ابتعث الله أهلها ليخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده ومن ضيق الدنيا إلى سعتها ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام.. وإن شاء الله سنكمل الحديث عن محمد صلى الله عليه وسلم
الرئيسية »
سيد المرسلين
» السيده خديجة بنت خويلد أولى زوجات الرسول